المحكمة الدستورية البرتغالية تُسقِط قانون تشديد الجنسية وتعيده إلى البرلمان
المحكمة الدستورية البرتغالية تُسقِط قانون تشديد الجنسية وتعيده إلى البرلمان
قضت المحكمة الدستورية في البرتغال بعدم دستورية عدة مواد محورية من قانون كان يهدف إلى تشديد شروط الحصول على الجنسية البرتغالية، وهو القانون الذي أقره الائتلاف الحاكم بدعم من اليمين المتطرف، معتبرة أن هذه المواد تنتهك مبادئ دستورية أساسية، وعلى رأسها التناسب واليقين القانوني وحماية الحقوق الأساسية للأفراد.
وأعادت المحكمة النص التشريعي إلى البرلمان البرتغالي لإدخال تعديلات جوهرية عليه قبل عرضه مجدداً للتصويت، في خطوة تمثل ضربة سياسية وقانونية للحكومة المحافظة برئاسة لويس مونتينيغرو، التي جعلت من تشديد سياسة الهجرة والجنسية أحد أبرز عناوين برنامجها بدعم مباشر من حزب “شيغا” اليميني المتطرف، بحسب ما ذكرت شبكة "مهاجر نيوز"، الثلاثاء.
وأعلنت المحكمة قرارها خلال مؤتمر صحفي عُقد في قصر راتون بالعاصمة لشبونة، حيث جرت قراءة علنية للأحكام، بعد مراجعة استباقية طعن بها الحزب الاشتراكي المعارض، معتبراً أن القانون يتجاوز حدود الدستور ويفتح الباب أمام تعسف تشريعي يمس جوهر الحقوق المدنية.
المساس بالحقوق الأساسية
أبطلت المحكمة على وجه الخصوص مادة تنص على إسقاط الجنسية البرتغالية عن أي شخص يُدان بارتكاب “جرائم خطيرة”، معتبرة أن هذا البند يُشكّل “تقييداً غير متناسب للحق الأساسي في الحصول على الجنسية”، وفق ما ورد في حيثيات الحكم التي استندت إلى الطعن الذي تقدم به الحزب الاشتراكي الشهر الماضي.
وأوضحت الهيئة القضائية العليا أن فقدان الجنسية لا يمكن استخدامه كأداة عقابية عامة، خاصة عندما لا يُراعي مبدأ التناسب ولا يميز بين طبيعة الجرائم أو ظروف الأفراد، محذرة من أن مثل هذا النص قد يؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ويخلق حالات انعدام جنسية.
وانتقدت المحكمة أيضاً مادة أخرى تتعلق بما سُمّي “الاحتيال الواضح” في الحصول على الجنسية، معتبرة أن النص فشل في تقديم معايير دقيقة وواضحة تُمكّن المواطنين من معرفة الحالات التي قد تُسحب فيها الجنسية، وهو ما يُخالف مبدأ قابلية التحديد القانوني ويمنح البرلمان سلطة تقديرية مطلقة غير مقيدة.
سياق سياسي وهجرة
جاء هذا الحكم في سياق سياسي مشحون تشهده البرتغال منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مايو التي أعادت لويس مونتينيغرو إلى رئاسة الحكومة بدعم متزايد من اليمين المتطرف، الذي أصبح القوة المعارضة الرئيسية ودفع باتجاه سياسات أكثر تشدداً تجاه المهاجرين.
وسعى قانون الجنسية الذي أُقر في 28 أكتوبر الماضي إلى تمديد فترات الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية، وتشديد معايير الاندماج، خصوصاً إتقان اللغة البرتغالية، إضافة إلى إلغاء برنامج التعويضات التاريخية لأحفاد اليهود السفارديم المطرودين من البرتغال في العصور الوسطى، وهو البرنامج الذي كان معمولاً به منذ عام 2015.
وحذّرت المحكمة الدستورية الحكومة أيضاً من المساس بحقوق المهاجرين في لمّ شمل أسرهم، مطالبة بمراجعة شاملة للنهج المتبع، في وقت كانت فيه البرتغال، خلال فترة حكم الاشتراكيين بين 2015 و2024، تُعد من أكثر الدول الأوروبية انفتاحاً في سياسات الهجرة.
وأظهرت الأرقام الرسمية أن عدد الأجانب المقيمين في البرتغال تضاعف خلال ثلاث سنوات فقط، متجاوزاً 1.5 مليون مهاجر بحلول نهاية عام 2024، أي نحو 15% من إجمالي السكان، وهو ما حوّل ملف الهجرة والجنسية إلى قضية مركزية في الجدل السياسي والقانوني داخل البلاد.











